أَيُّ حَافِزٍ لِلصَّدَقَةِ أَوْقَعُ وَأَعْمَقُ مِنْ شُعُورِ الـمُعْطِي بِأَنَّه يُقْرِضُ الغَنِيَّ الحَمِيدَ؟! وَأَنَّهُ يَتَعَامَلُ مَعَ مَالِكِ الـمُلْكِ، وَأَنَّ مَا يُنْفِقُهُ فَاللهُ يُخْلِفُهُ وَيُضَاعِفُهُ، وَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ أَجْرٌ كَرِيمٌ؟! قَالَ -تَعَالَى-: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: 39]، قَالَ الـمُفَسِّرُونَ: "يُخْلِفُ عَلَيْكُمُ فِي الدُّنْيَا بَالبَدَلِ، وَفِي الآخِرَةِ بِالجَزَاءِ وَالثَّوَابِ"، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا عِنْدَ البُخَارِي وَمُسْلِم: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُـمْسِكًا تَلَفًا".
وَالصَّدَقَةُ كَفَّارَةٌ لِلذُّنُوبِ وَالخَطَايَا, كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي صَحِيحِ البُخَارِي، قَالَ: قَالَ رُسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ، تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ"، إِذَا حُشِرَ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاشْتَدَّ الكَرْبُ، وَدَنَتِ الشَّمْسُ مِنْ رُؤوسِ الخَلَائِقِ؛ فَإِنَّ الـمُتَصَدِّقِينَ يَتَفَيَّؤونَ ظِلَّ صَدَقَاتِهِمْ, كَمَا ثَبَتَ فِي الحَدِيثِ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ"، وَذَكَرَ مِنْهُمْ: "وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا, حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"