عبادِ الله مِن الأنبياء والرسل، وضُوعف في العطاء فيها مَن هم أعداء لله مِن المجرمين والكفار وغيرهم، فالدنيا وأموالها ليس الإعطاء فيها علامةً على الرضا، كما أن النقص منها ليس علامةً على السخط، ولكن العلامة كل العلامة على رضا الله -جل وعلا- هي: التوفيق للطاعات، والثبات على الحسنات، ولذا قال ربنا -سبحانه-: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)[الحجرات: 7]، فمِن أعظمِ ما ينبغي أن يحزن عليه المؤمن أن يكون مصروفًا عن الطاعات؛ لأن الموفَّق لطاعة الله محبوب عند ربه، ولذا قال ربنا -سبحانه- في شأن المنافقين: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ)[التوبة: 46]، فما أعظمَ هذه العقوبة أن يكره الله -جل وعلا- انبعاثك -يا عبد الله- إلى طاعته؛ لأن كراهة الله انبعاثك للطاعات تؤدي إلى تفريطك، فلو اجتمع أهل السماوات والأرض على أن يُحَبِّبوك في الطاعة، وأن يُرشدوك إليها ما اهتديتَ إلى ذلك سبيلًا، (وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ)[التوبة: 46]، لِمَا علم في قلوبهم من الزهد في طاعته والانصراف عن رضاه، استخفُّوا بالله وجنبه العظيم؛ فجعل الله لهم هذه العقوبة، ألَّا يأبهوا بالطاعات، ولا يفرحوا بالحسنات -عياذًا بالله من كل ذلك-.