فالحمدُ للهِ على نعمةِ انكشافِ الوَباءِ والصّلاةِ في المساجدِ، وتَقاربِ المُصلّين، الحمدُ للهِ على نعمةِ السّلامِ والأمانِ، وتسويةِ الصّفوفِ والجهرِ بآمين، قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلّم-: "إنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ حُسَّدٌ، ولَمْ يَحْسُدُوا المُسْلِمِينَ عَلى أفْضَلِ مِن ثَلاثٍ: رَدِّ السَّلامِ، وإقامَةِ الصُّفُوفِ، وقَوْلِهِمْ خَلْفَ إمامِهِمْ في المَكْتُوبَةِ: آمِينَ".
لقد مَرَّتْ علينا سنواتٌ من البلاءِ والوباء دَعَتْ الحاجةُ فيها إلى هَجْرِ المساجد، وعندَ العودةِ لصلاةِ الجماعةِ في الصّفوفِ إلى التّباعد، بُذلتْ خلالَها جهودٌ كبيرةٌ تُذكرُ فَتُشكر لحكومتِنا الرّشيدة، للوصولِ إلى انكشافِ الوباء، وامتلاءِ المساجد، وتلاحمِ الصّفوف، فَحُقَّ للمسلمينَ اليومَ أنْ يَفْرَحوا، وللمصلّينَ أنْ يَسْتبشروا، فما أعظمَه من دِين، وما أبهى مَنظرَ انتظامِ صُفوفِ المصلين؛ إنّه نَموذجٌ فَريدٌ للجَسدِ الواحدِ والبُنيانِ المَرصُوص، ومَظهرٌ إيمانيٌّ مَهيب، يدعو للتّسامحِ والتّراحمِ، وتَوَحُّدِ الكلمةِ، وائْتلافِ القلوب، ولذا رَغَّبَ الرّسولُ -عليه الصّلاةُ والسّلامُ- بتسويةِ الصّفوف، وذلك بإتمامِها واقْتِرَابِها من الإِمام، وأنْ يَعتدلَ القائمونَ فيها على سَمْتٍ واحدٍ بلا قَطْعٍ ولا تَقَدُّمٍ ولا تأخُّر، وأنْ يَسدُّوا ما فيها من الخَلَل، ولا يَدَعُوا فيها فُرْجَةً للشّيطان، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "ألا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ الملائكةُ عندَ ربِّها؟ فقلنا: يا رسولَ اللهِ وكيفَ تصفُّ الملائكةُ عندَ ربِّها؟ قالَ: "يُتِمُّونَ الصّفوفَ الأُوَل، ويَتَراصُّونَ في الصّف"، وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: "ما مِنْ خُطوةٍ أعظمَ أجرًا، من خُطوةٍ مَشَاهَا رَجُلٌ إلى فُرْجَةٍ في الصّفِّ فَسَدَّها".