ويجب على العبد أن يحسن الظن بربه, وأنه كريم, وأنه يجازي بالكثير على القليل,
ولكن لا ينبغي له أن يفرّط في جمع الحسنات؛ لأن الناس في الآخرة يتغابنون بكثرة
الأعمال الصالحة, ويومئذ يفرح العاملون.أيها الناس: إن الناظر في حالنا -
إلا من رحم الله-, يجد أننا نعمل للدنيا أولا, وللآخرة ثانيا, وقد عكسنا المسألة,
فالدنيا لم تخلق إلا للآخرة, وما هي إلا للتزود للآخرة, فمن انشغل بها عن الآخرة
كان من الخاسرين, قال ابنُ رجبٍ: "وَقَدْ وَرَدَ تَرَتُّبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَلَى فِعْلِ بَعْضِ
هَذِهِ الأَعْمَالِ كَالصَّلاةِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ: "مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ لِوَقْتِهَا؛ كَانَ لَهُ
عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ"، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ"
, وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي الَّذِي لا يَعْمَلُ عَمَلَهُ إِلاَّ بِاسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ, وَانْتِفَاءِ
مَوَانِعِهِ, ومن موانعه الوقوع في الشرك وكبائر الذنوب.