هذهِ القَريَةُ أَرْسَلَ اللهُ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ مِن رُسُلِهِ يَأَمُرُونَهم بِعبادَةِ اللهِ وَحدَهُ، وإخلاصِ
الدِّينِ لَهُ، وَينهَونَهم عن الشِّركِ وَالْمَعَاصِي، فَلمْ يُؤمنِوا وَمَا زَادَهُم إلَّا طُغيانًا
وَتَكْذِيبًا، (فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ) أي: قَوَّينَاهُما بِرَسُولٍ ثَالِثٍ، اعتِنَاءً مِن اللهِ بِهم،
وَإقَامَةً لِلحُجَّةِ عَلَيهِم، فَأَنْكَرُوا عُمُومَ رِسَالَتِهم، وَقَالُوا لَهمْ: إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ.
فَقَالَ الرُّسُلُ: (وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)؛ فَوظِيفَتُنا هي إيضَاحُ الحقائِقِ وَبَيانُ
العَوَاقِبِ، وَقَد بَينَّاها لكم، فَإنْ اهْتَدَيتُم، فَهُو حَظُّكُم وَتَوفِيقُكُم، وإنْ ضَلَلتُم، فَليسَ
لنا منِ الأمرِ من شَيءٍ. فما كانَ من أَصْحَابِ القَريةِ إلَّا أنْ قَالوا:
(إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ)؛ فَقْد تَشاءَمْنَا مِنْكُم فَلَم نَرَ بِقُدُومِكم عَلينا واتِّصَالِكُم بِنَا إلاَّ
الشَّرَّ، فَليسَ لَكُم إلَّا الرَّجْمَ بِالْحِجَارَةِ، أَوِ العَذَابَ الألِيمَ.