وَدِراسَةُ هَذَا هِيَ دِرَاسَةُ ذَاكَ، وَرُبَّما كَانَ اثنَانِ زَمِيلَينِ في فَصلٍ وَاحِدٍ حتى
يَتَخَرَّجَا بَعدَ سَنَوَاتٍ، وَيَعِيشَانِ في دُنيَاهُمَا وَتَمضِي الأَيَّامُ، وَتَتَوَالى السَّنَوَاتُ
وَتَتَصَرَّمُ الأَعوَامُ، ويَكبُرُ الصَّغيرُ وَيَشِبُّ الطِّفلُ ويَتَرَعرَعُ الفَتى، وَتَكتَمِلُ قُوَّةُ
الشَّابِّ وَيَنضَجُ وَيَبلُغُ مَبلَغَ الرِّجالِ، وَيَتَفَرَّقُ النَّاسُ في دُرُوبِ الحَيَاةِ، فَتَرَى هَذَا
في شَأنٍ وَذَاكَ في شَأنٍ، ثم يَكُونُ لِهَذَا مَنزِلَةٌ وَمَكَانَةٌ، وَيَبقَى ذَاكَ في ضَعفٍ وَمَهَانَةٍ
وَهِيَ سُنَّةٌ مِن سُنَنِ اللهِ في الكَونِ، وَالأُمورُ لا تَمضِي جُزافًا، وَالحَيَاةُ لا تَجرِي عَبَثًا،
بَل هُنَاكَ نَوَامِيسُ ثَابِتَةٌ تَتَحَقَّقُ، وَسُنَنٌ لا تَتَبَدَّلُ وَلا تَتَحَوَّلُ (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً
ولن تَجِدَ لِسُنَّة اللهِ تَحويلاً)[فاطر:43].