غَادَرَ الضَّيْفُ كَلَمْحِ الْبَصَرِ، وَارْتَحَلَ النَّازِلُ بَعْدَ زِيَارَةٍ لَمْ تَطُلْ، وَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ لِقُلُوبِنَا،
وَغُصَّةٍ فِي حُلُوقِنَا، مِنْ فِرَاقِ هَذَا الْكَرِيمِ رَفِيعِ الْقَدْرِ نَفِيسِ الْفَضْلِ؛ وَبِحَقٍّ لَقَدْ كَانَ حَقُّهُ عَلَيْنَا
عَظِيمًا، وَوَاجِبُنَا نَحْوَهُ كَبِيرًا؛ وَلَنَا فِي وَدَاعِهِ وَمَعَ رَحِيلِهِ وَقَفَاتٌ:
أَوَّلُهَا: إِنَّ الْمُتَأَمِّلَ فِي فَضَائِلِ رَمَضَانَ، وَالْمُتَمَعِّنَ فِي فَوَائِدِهِ يُدْرِكُ أَنَّ رَمَضَانَ نَحْنُ مَنْ كُنَّا
ضُيُوفًا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ أَكْرَمَنَا وَلَسْنَا مَنْ أَكْرَمَهُ، وَبَدَلَ أَنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ أَنَّا مَنْ يَبْذُلُ الْوُسْعَ
فِي الِاحْتِفَاءِ بِهِ وَالِاسْتِفَادَةِ مِنْهُ؛ لَكِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْنَا وَاحْتَفَى
بِنَا وَقَبِلَنَا؛ فَنِعْمَ الْمَضِيفُ رَمَضَانُ، وَنِعْمَ الْكَرِيمُ هُوَ.