وفي الصحيحين: "تَقَاضَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، دَيْنًا لَهُ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، -رضي الله عنهما-؛
وذلك فِي مسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا وَنَادَى: "يَا كَعْبُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
فَأَشَارَ بِيَدِهِ، أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ النبيُّ
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لابنِ أبي حدردٍ: "قُمْ فَاقْضِهِ"، وهذه بَرِيرَةُ -رضي الله عنها وأرضاها-،
كانت أمَةً فعَتَقَتْ، وزوجها لا يزال في الرق، ففسخت نكاحها منه، فَشُغِفَ قلبُه بحبها، فكان يطوف
خلفها في سكك المدينة، ودموعُه تسيل على خدَّيْه، يريدها أن ترجعَ إليه، فرقَّ له رسولُ الله
-صلى الله عليه وسلم-، وشفَع له عند بَرِيرَةَ، فقال: "لَوْ رَاجَعْتِهِ"، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَأْمُرُنِي؟
قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ"، قَالَتْ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ.