نفسٌ أمارةٌ بالسوء, ما أقسى عداوتها!، وما أقصى مَودَّتها!، مَنْ أرخى لها العِنانَ وانقاد لما تهوى،
واسترسل في مطالِبِها واستجابَ لما تدعو؛ تَجَرَّعَ غُصصَ الويلِ ومِنْ كَأسِ الهوانِ شَرِب.
ومَنْ كَفَّها عن الهوى ونهاها، وساقها إلى الهُدى ودعاها؛ أدركَ عيشَ الكرامةِ، وارتضى عيش الخلود؛
(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)[النازعات: 40، 41].
ونفسٌ أخرى هي نَفْسٌ لَوَّامة, تَلومُ صاحبَها على ما يَجْنِيْهِ من زللٍ وتفريطٍ، فهي تَغْفُوْ ثم تَصْحُو،
وَتَعْصِي ثم تَبْكِي، وتَلْهو ثم تؤوب, تسترسلُ في سبيل الهوى تارةً, فما تَلْبَثُ
أن تَكتَوي بنارِ الندمِ, ثم تعودُ إلى الهُدى أدراجها.