ومِن رحمتِه - سبحانه –
{ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ }
[الروم: 46]،
ويُنزِّلُ الغيثَ، ويُحيِي الأرضَ بعد موتِها،
{ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }
[الشورى: 28].
ومِن آثار رحمتِه - تبارك وتعالى - ما نشَرَه من رحمةٍ بين الخلائِق؛
فما هذه الرحمةُ التي يتراحَمُون بها إلا شيءٌ يسيرٌ مِن رحمةِ أرحم الراحمين.
ففي الصحيحين : أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( جعلَ الله الرحمةَ مائةَ جُزءٍ، فأمسَكَ عنده تسعةً تسعين جُزءًا، وأنزلَ
في الأرض جُزءًا واحدًا، فمِن ذلك الجُزء يتراحَمُ الخلقُ، حتى ترفَعَ
الفرَسُ حافِرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه ).
والله - تبارك وتعالى - أرحَمُ بعبادِه مِن الوالِدةِ بولدِها.
ففي مشهَدٍ عجيبٍ يصِفُه لنا الفارُوقُ - رضي الله عنه - بقولِه:
لما قدِمَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بسَبْيٍ، فإذا امرأةٌ
مِن السَّبْيِ تبتَغِي، إذا وجَدَت صبِيًّا في السَّبْيِ، أخَذَتْه فألصَقَتْه
ببطنِها وأرضَعَتْه، فقال لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( أتَرَونَ هذه المرأةَ طارِحةً ولَدَها في النَّار؟ )،
قُلنا: لا والله، وهي تقدِرُ على ألا تطرحَه، فقال رسولُ الله –
صلى الله عليه وسلم -:
( لله أرحَمُ بعبادِهِ مِن هذه بولَدِها )؛
رواه البخاري ومسلم.