وإن تعجَب - عبد الله -، فعجَبٌ حالُ مَن يُريدُ أن يحظَى بشيءٍ لم يُكتَب له،
أو أن يُغدَقَ علَيه مِن النِّعَم، ليكون في مُستوًى معيشِيٍّ رَفِيعٍ، فيُصبِح في
رفاهِيةٍ ورغَدٍ مِن الرِّزق، وبُحبُوحةٍ مِن العَيش. وما درَى هذا المِسكِينُ
أنَّ القناعَةَ لا يعدِلُها شيءٌ؛ فهناك مَن أصابَ مِن هذه الدنيا حظًّا وافِرًا،
لكنَّه محرُومٌ، لا يشعُرُ بالقناعَةِ والرِّضا أبدًا، بل يطلُبُ المَزِيدَ، وهناك
مَن بُسِطَ له في الرِّزقِ، وأُوتِيَ مِن أصنافِ النِّعَم، فبغَى في الأرضِ
ولم يشكُر نِعمةَ الله علَيه، فكانت وَبالًا علَيه.
أيها الإخوة:
إنَّ واقِعنا اليوم يشهَدُ صُورًا شتَّى مِن إصابةِ كثيرٍ مِن الناسِ بالمَلَل،
والشُّعور بالضِّيق والضَّجَر، وهذا ينشَأ عن ضعفِ صِلةِ العبدِ بربِّه
وطاعتِه له، وإعراضِه عن منهَجِه.
فمِن تلك الصُّور الواقعيَّة: سآمةُ بعضِ الناسِ مِن حياتِه عِند الكِبَر،
كحالِ الشاعرِ الجاهليِّ القائِلِ:
سَئِمتُ تكالِيفَ الحياةِ ومَن يَعِشْ
ثَمانِينَ حَولًا لا أبَا لَكَ يسأَمِ