من حديث الحُسين بن عليٍّ - رضي الله عنهما -،
أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( إن الله تعالى يُحبُّ معالِيَ الأمور وأشرافَها، ويكرَهُ سَفسَافَها )
وسَفسَافُ الأمور: الحقيرُ والرَّدِيءُ منها، وتوافِهُها التي تُنبِئُ عن الخِسَّة
والدناءَة وعدم المُروءة.
وقد أخبَرَ الله - سبحانه - في كتابِه المُبين عن فِئةٍ مُؤمنةٍ مُبارَكة علَت نفوسُ أصحابها،
وسمَت هِمَمهم، وقوِيَت عزائِمُهم، ذكَرَهم الله مُشِيدًا بهم، مُثنِيًا عليهم بقولِه:
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ }
[ الواقعة: 10، 11 ].
قال جماعةٌ من المُفسِّرين: التكريرُ في قولِهِ تعالى:
{ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ }
للتفخِيمِ والتعظيم .
كما خصَّ بعضُ العلماء معنى الآية بأشياء؛
فقال عُثمان بن أبي سَودَة: هم السابِقون إلى المساجِد".
وقال ابنُ سِيرين: "هم الذين صلَّوا إلى القِبلَتَين".
وقال كعبٌ: "هم أهل القرآن". وقيل غير هذا مما هو جُزءٌ من الأعمال الصالحة.
والآيةُ أعمُّ من ذلك وأشمَلُ؛ فالسابِقُون هم الذين سبَقَت لهم السعادة،
وكانت أعمالُهم في الدنيا سَبقًا إلى التوبةِ، وأعمالِ البرِّ، وتركِ المعاصِي،
وهم المُبادِرُون إلى فعلِ الخيرات، كما قال - سبحانه -:
{ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }
[ المائدة: 48 ]