الكمالُ عزيز، والخطأُ والقُصورُ مِن شأنِ البشَر، والذين لا يُخطِؤُون هم
الذين لا يعمَلُون، ومسارُ الدولة والأمة يتطلَّبُ العقلَ والحِكمةَ والأناة
والسَّير بخُطًى ثابتةٍ غير مُتوقِّفة، في حكمةٍ ووعيٍ وتمييزٍ بين الثابِتِ والمُتغيِّر،
في قُوَّةٍ راشِدة، وتنميةٍ مُخطَّطة، وحَزمٍ وعَزمٍ، يُحيطُ بذلك كلِّه رحمةٌ
ورِفقٌ وإحسانٌ. والنَّقصُ يُعالَج، والمُعوَجُّ يُقوَّم تحت مِظلَّة الوِلاية الشرعيَّة.
ألا فاتَّقُوا اللهَ - رحِمَكم الله -، واعلَمُوا أنَّ المُبالَغَةَ في مُلاحقة التغريدات،
والإكثارَ في تتبُّع أخبارِ القائِمين على بُؤَر التوتُّر، يُوقِعُ في ضلالٍ
وحَيرةٍ وإرباكٍ، عاقِبتُه التشتُّت والانشِقاق والتصدُّعات، وهَدمُ المُكتَسَبات،
وحاصِلُه فوضَى فِكريَّة، وتعليقاتٌ يائِسة، ومُداخلاتٌ بائِسة،
يختلِطُ فيها الحابِلُ بالنَّابِل، ونتيجتُها الفُرقة، وعاقِبتُها نُفوسٌ سَوداء،
وأحقادٌ مُتبادَلة مِن غير مُسوِّغٍ ولا معقُوليَّة.
والسلامةُ في ذلك الأخذُ بالقاعِدةِ السُّليمانيَّة، قاعِدة سُليمان بن دواد –
عليهما وعلى نبيِّنا أفضلُ الصلاة والسلام -، في قولِه - عزَّ شأنُه –
حِكايةً عنه:
{ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ }
[النمل: 27]،
مع أنَّ الهُدهُد قد قال على سَبِيل الجَزمِ:
{ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ }
[النمل: 22].
هذا وصلُّوا وسلِّمُوا على الرحمةِ المُهداة، والنِّعمةِ المُسداة:
نبيِّكُم مُحمدٍ رسولِ الله؛ فقد أمرَكم بذلك ربُّكم، فقال عزَّ قائِلًا عليمًا:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[الأحزاب: 56].