عن عائشة - رضي الله عنها -، أنَّهم ذبَحُوا شاةً فقال النبيُّ –
صلى الله عليه وسلم -:
( ما بقِيَ مِنها؟ )،
قالت: ما بقِيَ مِنها إلا كتِفُها، فقال - صلى الله عليه وسلم –
مُصحِّحًا ومُوجِّهًا:
( بقِيَ كلُّها غيرَ كتِفِها ).
والمعنى: أنَّ ما تُصدِّقَ به فهو الباقِي، وما أُكِلَ فهو الفانِي.
فهنا يأتِي التصحيحُ النبويُّ للمفهُوم الخاطِئ السائِد الذي يعتبِرُ ما بقِي
َ مِن المال هو الذي لم يتمَّ إنفاقُه، وبقِيَ في حَوظَة صاحبِه، في الوقتِ
الذي يظنُّ فيه أنَّ المالَ الذي تُصدِّقَ به واستقرَّ في يدِ المُحتاج هو مالٌ
ذاهِبٌ وفانٍ ومفقُودٌ.
وهذا الحديثُ جاء مُوافِقًا لمدلُول الآية السابِقة:
{ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ }
[النحل: 96]،
ويُعدُّ أنموذجًا عمليًّا وتطبيقًا واقعيًّا لمعناه، بل قد جعلَ الله تعالى عدمَ
الإنفاقِ في سبيلِه مِن التَّهلُكة، فقال - عزَّ وجل -:
{ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }
[البقرة: 195].