{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ
لَهُ مِنْ بَعْدِهِ }
[فاطر: 2].
وأكثرُ الناس غافِلُون عن أن هناك نوعًا مِن الأفراح لا يُشبِهُه شيءٌ
مِن أفراح الدنيا التي يلهَثُ خلفَها اللاهِثُون، فرحٌ عجيبٌ، له جلالتُه،
وحلاوتُه، ونداوتُه، إذا تخلَّلَت نسَماتُه القلوب، وعبَقَت برائحتِه النُّفوس،
وتشرَّبَت بطلاوتِه الأرواح، إنه الفرحُ بالله ،
والسُّرورُ بالربِّ - سبحانه - جلَّ في علاه -.
الفرحُ بالله وبكل ما يأتِي مِن الله، الفرحُ بالله وبرسولِ الله –
صلى الله عليه وآله وسلم -، وبشريعتِه، الفرحُ بالقرآن، وبالصلاة،
والصيام، والصدقة، وأعمال الخير كلِّها التي تُرضِيه - سبحانه وتعالى -،
هذا هو الفرحُ الحقيقيٌّ الذي يُثمِرُ حالةَ الحُبُور والسُّرور،
والسعادة والأُنس، هذا هو الفرحُ الدائِمُ الذي لا يزُول،
والسعادةُ التي مَن لم يذُق طعمَها فما ذاقَ شيئًا مِن النَّعيم.
وليس في التعبير عن الفرح بالله إلا حروفٌ وكلماتٌ قاصِرة، لا تُوفِّيه
حقَّه، ولا تستطيعُ وصفَه على الحقيقة،
{ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ }
[الرعد: 36]،
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُور
ِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }
[يونس: 57، 58].