إنَّ في الحجِّ لموعظةً لمَن يتذكَّر، وللطاعة في النَّفسِ ثمرةٌ وأثَر؛
فالصلاةُ تنهَى عن الفحشَاء والمُنكَر، والحجُّ مورِدٌ ومنهَلٌ للتزوُّد
مِن التقوَى،
{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}
[البقرة: 197].
فالعبادةُ إذا لم تُقرِّبْ مِن الله، وتُبعِد عن محارِمِ الله فإنَّ فيها دخَنًا
أو مُخالفةً للدين،
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
[المائدة: 27].
أيها الحاجُّ:
ما كان في ذمَّتك مِن فرضٍ فاقضِه، وما كان على وجهِ الأرضِ مِن
خصمٍ فأرضِه، وما كان مِن حقٍّ فأدِّه، وأقِم فرائِضَ الله وفيها فجاهِد،
والزَم سُنَّةَ رسولِ الله وعليها فعاهِد، واطلُب النَّجاةَ والخلاص،
وجدِّد العهدَ مع الله بعزمٍ ووفاءٍ وإخلاص.
أيها الحُجَّاج:
إنَّ الله على كل شيء شهِيد، وما يلفِظُ مِن قولٍ إلا لدَيه رقيبٌ عتيد، وقد
بُحَّت حناجِرُكم على رُؤوس الأشهَاد، تُردِّدُون كلمةَ التوحيد،
وردَّدَت جبالُ مكَّة صدَى تلبِياتكم إلى يوم العِيد:
لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والمُلك،
لا شريكَ لك .
فالبراءَ البراءَ مِن الشِّرك، فلا يقبَلُ الله عملًا فيه مِثقالُ ذرَّةٍ مِن الشِّرك،
وقد قال - سبحانه -:
( أنا أغنَى الشُّركاء عن الشِّرك، مَن عمِلَ عملًا أشرَكَ فيه معِيَ غيرِي
تركتُه وشِركَه )؛
رواه مسلم.