وهو طُهرةٌ لأهلِه ونقاء؛ قال - صلى الله عليه وسلم -:
( مَن حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجَعَ كيوم ولَدَتْه أمُّه )
؛ متفق عليه.
بالحُجَّاج يُباهِي اللهُ ملائكتَه؛ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( ما مِن يومٍ أكثر مِن أن يُعتِقَ الله فيه عبدًا مِن النار مِن يومِ عرفة،
وإنَّه ليدنُو ثم يُباهِي بهم الملائكةَ فيقُولُ: ما أرادَ هؤلاء؟ )؛
رواه مسلم.
وليس للمُخلِصِ في حجِّه جزاءٌ إلا الجنَّة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -:
( العُمرةُ إلى العُمرة كفَّارةٌ لما بينَهما، والحجُّ المبرُورُ ليس له جزاءٌ
إلا الجنَّة )؛
متفق عليه.
الحجُّ مجمَعُ الإسلام الأعظَم، يربِطُ حاضِرَ المُسلمين بماضِيهم؛ ليعيشَ
العِبادُ أمةً واحدةً مُستمسِكين بدينِهم، ولا طريقَ لذلك إلا بالاعتِصامِ
بالكتابِ والسنَّة، والسَّير على منهَج سلَف الأمة.
في الحجِّ تتلاشَى فواصِلُ الأجناسِ واللغات والألوان،
ويبقَى ميزانُ التفاضُل هو التقوى؛
{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
[الحجرات: 13].
وخَيرُ زادٍ يصحَبُه الحُجَّاجُ في نُسُكهم هو التقوَى؛ قال - سبحانه -:
{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ }
[البقرة: 197].
ومَن أمَّ البيتَ فحرِيٌّ به أن يلزَمَ ورَعًا يحجِزُه عن المعاصِي، وحِلمًا يكُفُّه
عن الغضبِ، وحُسنَ عِشرةٍ لمَن يصحَب.
وأعظمُ ما يتقرَّبُ به العبادُ في حجِّهم: إظهارُ التوحيد في مناسِكِهم،
وإخلاصُ الأعمال لله في قُرُباتهم؛ قال - سبحانه -:
{ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ }
[البقرة: 196].
وإعلانُ وحدانيَّة الله في الحجِّ شِعارُ أهلِه، وبه شَرَفُهم:
( لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك
والمُلك، لا شريكَ لك ).
ومَن حجَّ مُوقِنًا بلِقاءِ ربِّه فليتمسَّك بتوحيدِ الله وإفرادِه بالعبادةِ حتى الممات؛ قال - جلَّ وعلا -:
{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }
[الكهف: 110].
وتكبيرُ الله وتعظيمُه أنيسُ الحُجَّاج في طوافِهم وسعيِهم ورميِهم ونحرِهم،
وفي ليلِهم ونهارِهم؛ لتبقَى القلوبُ مُتعلِّقةً بالله، نقيَّةً عن كل ما سِواه.
الحجُّ درسٌ في تحقيقِ الاتِّباع والتأسِّي بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛
فلا نُسُك ولا عبادةَ إلا بما وافَقَ هَديَه.
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( لتأخُذُوا مناسِكَكم؛ فإنِّي لا أدري لعلِّي لا أحُجُّ بعد حجَّتِي هذه )؛
رواه مسلم.
والاتِّباعُ دليلُ الصدقِ والإيمانِ والمحبَّة؛ قال - عزَّ وجل -:
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
[آل عمران: 31].
وكلُّ عبادٍ على خلافِ هَديِه - عليه الصلاة والسلام - فإنَّ الله لا يقبَلُها.
قال - عليه الصلاة والسلام -:
( مَن عمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا هذا فهو ردٌّ )؛
رواه مسلم.