{ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ
أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا }
[القصص: 25]،
فلقِيَ مُوسَى - عليه السلام - جزاءَ إحسانِه، وكافَأَه والِدُ الفتاتَين لفضلِه.
أعلَى الإسلامُ قَدرَ مَن أسدَى إليك معرُوفًا وإحسانًا، بل وأكَّد على مُكافأتِه؛
يقولُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يشكُرُ اللهُ مَن لا يشكُرُ الناسَ ).
ومعناه: أنَّ الله لا يقبَلُ شُكرَ العبد على إحسانِه إليه إذا كان العبدُ لا
يشكُرُ إحسانَ الناسِ ويكفُرُ معروفَهم؛ لاتِّصالِ أحدِ الأمرَين بالآخر.
ومِن معنى الحديث:
أنَّ مَن كان مِن طبعِه وعادتِه كُفرانَ نعمةِ الناسِ، وتركَ الشُّكر لهم؛
كان مِن عادتِه كُفرُ نعمةِ الله وترك الشُّكر له.
ومِن معناه: أنَّ مَن لا يشكُر الناسَ كمَن لا يشكُر الله.
وصُور ردِّ الجَميل الذي يسعَى للوفاءِ به أهلُ الوفاء بالأقوال والأفعال
والمشاعِر، قال الله تعالى:
{ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }
[النساء: 86].
فإذا ردَّ المُسلمُ التحيةَ بمثلِها أو أحسنَ مِنها، والمعروفَ بمثلِه أو أحسنَ
مِنه، والكلمةَ الطيبةَ بمثلِها أو أحسنَ مِنها، والهديةَ بمثلِها أو أحسنَ مِنها
صفَت قلوبُنا، وقوِيَت روابطُنا، وتعمَّقَت علاقاتُنا، وانحسَرَت دائرةُ الخلاف بيننا.
وأولُ خُطوةٍ في مُكافأة أهل الفضل: الاعتِرافُ بفضلِهم، والإقرارُ
باستِحقاقِ شُكرِهم، وجَّه به نبيُّ الرحمةِ - صلى الله عليه وسلم -،
ودعَا إليه، والوفاءُ بالعهد مِن حُسن الإيمان.
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( ومَن أتَى إليكم معرُوفًا فكافِئُوه ).