{ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ
أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }
[ الممتحنة: 8 ].
وإنه في اعتِقاد المُسلمين أن مُجرَّد اختلافِ الدين - فضلاً عن المذهب والمنهج –
لا يُبيحُ الاعتِداء أو الإساءة، ولقد ساكنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم –
اليهودَ في المدينة، وجاورَهم حتى مات.
وما الأفعالُ الإجراميَّةُ التي حدثَت في شرق المملكة في الأسبوعين الماضِيَين،
وذهبَ فيها ضحايا، إلا واحدةٌ من سلسلة اعتِداءاتٍ حدثَت في بلادِنا،
نتيجتُها الوحيدةُ مُحاولةُ الإخلال بأمن هذه البلاد،
ورغبةُ إلحاقِها برَكبِ الدُّول المُضطربةِ حولَنا؛ لتزهَقَ الأنفسُ بمئاتِ الأُلوف،
ويكون التهجيرُ بالملايِين.
إن المُستهدَفَ بما حدث هو الدولةُ والمُجتمع كلُّه،
والمُرادُ بتلك الدماء التي أُريقَت أن تكون الوَقودَ الذي يَطالُ الكلَّ بلا استِثناء.
وإن ألمَنا على تلك الاعتِداءات في شرق المملكة مُستحقٌّ، وإنكارَها واجِب،
ومُدافَعَتها ومُكافحَتَها فرض، والجريمةُ قد وقعَت على الوطن كلِّه لا على طائفةٍ منه.
وقد سبقَت هذه العصاباتُ باستِهداف رِجال الأمن في أنحاء بلادِنا،
وقتلِ بعضِهم، واستِهداف المُنشآت العامَّة وغيرِها.
وإن ما سفَكَته عصاباتُ الدواعِش من دماء المُسلمين هو بحرٌ بالنسبة لدماء غيرهم،
وما استلَبَته من أراضِي السنَّة في الشام والعراق هو كل سلَبِها، ولم تسلِب سِواهم.
وعليه؛ فإن من يُقرِّر أن أولئك الدواعِش هم نَتاجُ عقائِدنا ومناهِجنا،
إنما هو يُحقِّق مقاصِد تلك العصابات، ويتماهَى مع غايتها التي أُنشِئَت لأجلِها.