قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( المُسلمُ أخُو المُسلم، لا يظلِمُه، ولا يخذُلُه، ولا يحقِرُه، التقوَى ها
هنا - ويُشيرُ إلى صدرِه ثلاث مرات -، بحسبِ امرئٍ مِن الشرِّ أن
يحقِرَ أخاه المُسلم، كلُّ المُسلم على المُسلم حرامٌ، دمُه ومالُه وعِرضُه )؛
رواه مسلم.
ألا إنه ما استخفَّ بالناسِ أحدٌ عرفَ حقَّ الله وحقَّ الناسِ عليه؛
لأن مَن استخفَّ بك فقد خانَكَ الإنصاف، فاستِخفافُ المرء بالشيء إنما هو
استِخفافٌ بصاحبِ الشيء نفسِه.
وإن أخطرَ ما يكونُ الاستِخفاف حينما يتجاوزُ حُدودَ المُمارسة الفردية
ليُصبِح ثقافةً يتبارَزُ بها المُستخِفُّون، وسَبقًا مُزرِيًا للمُتهوِّرين به أيُّهم
يبلُغُ مِن الاستِخفاف ذروَتَه.
الاستِخفافُ - عباد الله - نتيجةُ شُعورٍ بنقصٍ في صُورة كمالٍ زائِفٍ،
فيُدارِي المُستخِفُّ سَوءَة نقصِه بالاستِخفاف بغيرِه، ليُوهِمَ نفسَه
والآخرين بكمالٍ مُزوَّر، وتفوُّقٍ على مَن سِواه، ومِثلُ هذا لا يقعُ مِنه
الاستِخفافُ بغيرِه إلا إذا استحكَمَت فيه خِفَّةُ العقل والمنطِق.
وإن الناسَ لن يُوقِّرُوا امرءًا مُستخِفًّا، ولن يمدَحُوه، ولن يأنَسُوا قُربَه،
فضلًا عن أن يكون عُنصرًا إيجابيًّا في مُجتمعهم ومُحيطِهم، بل
على المُستخِفِّ تدورُ الدوائِر، ويرجِعُ ما طارَ مِن فِيهِ ليقعَ يومًا ما على
أُذنَيه مِن فَمِ غيرِه.
فعن عاصِمِ بن ضَمرة، عن ابن مسعُودٍ - رضي الله تعالى عنه - قال:
( البلاءُ مُوكَّلٌ بالقَول - أي: بالمنطِقِ -، فلو أن رجُلًا عيَّرَ رجُلًا برَضاع
كلبةٍ لرضَعَها ).