{ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ
فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا }
[ فاطر: 43 ].
سُننٌ شامِلةٌ للعالَم كلِّه علويِّه وسُفلِيِّه، شامِلةٌ للحياةِ كلِّها وأحداثِها وتقلُّباتها،
فربُّنا - سبحانه - في كل لحظةٍ وفي كل يومٍ هو في شأنٍ، وكلُّ شيءٍ عنده بمِقدار،
{ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا }
[ الطلاق: 3 ].
إنها السُّننُ الإلهيَّة الثابِتةُ المُضطرِدةُ الشامِلةُ التي لا تُحابِي أحدًا دُون أحدٍ،
ولا تُجامِلُ أمَّةً دُون أُخرى، فكلُّ من حقَّت عليه سُنَّةُ الله فهي واقِعةٌ به ولا شكَّ،
عصَى الرُّماةُ أمرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أُحُد،
فهُزِمُوا مع أنهم كانُوا على الحقِّ؛ لأن سُنَّةَ الله لا تُحابِي أحدًا.
ونصرُ الله وإعزازُه وإكرامُه ينزِلُ إلى الناس وفقَ سُننٍ دقيقةٍ مُحكَمةٍ،
والهزيمةُ والذِّلَّةُ يستحِقُّها الناسُ وفقَ سُننٍ مُحدَّدةٍ واضِحةِ المعالِم،
بيِّنةٍ لا خفاءَ بها ولا غُموضَ، وتلك صِفةٌ أُخرى من صِفات السُّنن الربَّانيَّة
لمَن تأمَّل وتفكَّر، وأحسنَ استِعمالَ عقلِه في استِخراج واستِنباطِ السُّنن،
ورأَى كيف أن أحداثَ الحياةِ والتاريخِ والأُمم تَسِيرُ وفقَ هذه السُّنن العَجيبةِ
الواضِحة البيِّنة.