أي: إظهارُ الحَمد والشُّكر والثَّناء.
ولما سُئِلَ ابنُ المُغِيرة - رضي الله عنه -: كيف أصبَحتَ يا أبا مُحمد؟
قال: أصبَحنا مُغرَقِين في النِّعَم، عاجِزِين عن الشُّكرِ، يتحبَّبُ إلَينا ربُّنا
وهو عنَّا غنيٌّ، ونتمَقَّتُ إلَيه ونحن إليه مُحتاجُون .
وهذا عَمرُو بن العاصِ - رضي الله عنه - يقولُ: لا أمَلُّ ثَوبِي ما وسِعَني،
ولا أمَلُّ زوجَتِي ما أحسَنَت عِشرَتِي، ولا أمَلُّ دابَّتِي ما حمَلَتني، إنَّ المَلالَ
مِن سيِّئ الأخلاقِ .
وصدَقَ - رضي الله عنه -، فالمَلالُ مِن سيِّئ الأخلاقِ، وأقبَحِ الخِصال؛
إذ يجعلُ العبدَ يتنكَّرُ لنعمةِ الله علَيه ويتسخَّطُ، ولا يرضَى بما قسَمَ الله
له مِن الرِّزق، وما أسوَأَ أن يكون المرءُ في نِعمةٍ مِن الله وفضلٍ،
فإذا بِه يمَلُّ النِّعمةَ ويبطُرُها.
يقولُ ابنُ القيِّم - رحمه الله -: وليس على العبدِ أضَرُّ مِن مَلَله لنِعَم الله،
فإنَّه لا يراها نعمةً، ولا يشكُرُه علَيها، ولا يفرَحُ بها، بل يسخَطُها
ويشكُوها، ويعُدُّها مُصيبةً، هذا وهي مِن أعظَمِ نِعَم الله علَيه، فأكثَرُ الناسِ
أعداءُ نِعَم الله علَيهم، ولا يشعُرُون بفَتحِ الله علَيهم نِعَمه، وهم مُجتهِدُون
في دَفعِها وردِّها جَهلًا وظُلمًا، فكَم سعَت إلى أحدِهم مِن نعمةٍ ..
وهو ساعٍ في ردِّها بجُهدِه، وكَم وصَلَت إلَيه .. وهو ساعٍ في دَفعِها
وزَوالِها بظُلمِه وجَهلِه .