{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا
خَاشِعِينَ }
[الأنبياء: 90].
فالمؤمن - يا أيُّها الناس - يجبُ أن يكون في مراقبةٍ دائمةٍ لربِّه،
في الطاعةِ:
بالإخلاصِ والامتثالِ على الكمال، وفي بابِ النواهِي: بالانزجار
ِ والمداومةِ والمثوبةِ والإنابةِ إلى ربِّنا - جلَّ وعلا -، فما حُفِظَت حدودُ
الله ومحارمُه، ووصلَ الواصلون إليه - سبحانه - بمثل خوفهِ ومراقبته،
ورجائِه ومحبته، جعلنا اللهُ وإياكم من أهل الخوف والرجاء.
قال - سبحانه -:
{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }
[الرحمن: 46]،
وقال - عزَّ شأنُه -:
{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40)
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ }
[النازعات: 40- 41].
قال ابن الجوزي - رحمه الله -:
الحقُّ - عزَّ وجل - أقربُ إلى عبده من حبل الوريد ...
إلى أن قال: فقلوبُ الجُهَّال تستشعرُ البُعدَ، ولذلك تقعُ منهم المعاصي؛
إذ لو تحقَّقَت مراقبتهم للحاضرِ الناظرِ - سبحانه -، لكفُّوا الأكفَّ عن الخطايا .
قيلَ لبعض السلف: بمَن أستعينُ على غضِّ البصر؟ قال:
بعلمِك أنَّ نظرَ الناظرِ إليك أسبقُ مِن نظرِك إلى المنظورِ إليه .
وفي مِثل هذا المعنى يُذكِّرُنا نبيُّنا – صلى الله عليه وسلم – بهذا المعنى فيقول:
( سبعةٌ يُظلُّهم الله في ظلِّه، يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه: الإمام العادل،
وشابٌّ نشأ في طاعةِ الله، ورجلٌ قلبُه معلَّقٌ بالمساجد، ورجلان تحابَّا
في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقَا عليه، ورجلٌ دعَتْه امرأةٌ ذات منصِبٍ
وجمالٍ فقال إنِّي أخافُ الله، ورجلٌ تصدَّقَ بصدقةٍ، فأخفاها حتى لا تعلَمَ
شِمالُه ما تُنفِقُ يمينُه، ورجلٌ ذكَرَ اللهَ خاليًا ففاضَت عيناه ).
رقابة الله - جلَّ وعلا - تُنزِّهُ الأفرادَ عن مُقارفة الآثام والمحرمات،
وتُنزِّهُ القلوبَ عن كل ما يُدنِّسُها ويُفسدها، وبذا يتحقَّق المجتمع الصالح