وهذا العقدُ اشتملَ على مصالِح ومنافِع للزوجَين، ومنافِع ومصالِح
للأولاد، ومصالِح ومنافِع لأقرباءِ الزَّوجَين، ومنافِع ومصالِح للمُجتمع،
ومنافِع ومصالِح للدُّنيا والآخرة، لا تُعدُّ هذا المنافِعُ ولا تُحصَى.
ونقضُ هذا العقد، وإبطالُ هذا الميثاق، وقطعُ حبل الزوجيَّة بالطلاقِ
يهدِمُ تلك المصالِح والمنافِع كلَّها، ويقعُ الزوجُ في فتنٍ عظيمةٍ تضرُّه
في دينه ودُنياه وصحَّته، وتقعُ المرأةُ بالطلاقِ في الفتن بأشدَّ مما وقعَ
فيه الزوجُ، ولا تقدِرُ أن تُعيدَ حياتَها كما كانت، وتعيشُ في ندامةٍ،
لا سيَّما في هذا الزمان الذي قلَّ فيه المُوافِقُ لحالِها.
ويتشرَّدُ الأولادُ، ويُواجِهون حياةً شديدةَ الوطأَة تختلفُ عما كانت
عليه وهُم في ظلِّ اجتماع الأبوَين، فيفقِدون كلَّ سعادةٍ تبتهِجُ بها
الحياة، ويكونون مُعرَّضين للانحِرافِ بأنواعه المُختلفة، ومُعرَّضين
لأمراضٍ مُختلفة، ويتضرَّرُ المُجتمعُ بالآثار الضارَّة التي تكون
بعد الطلاق، وتستَحكِمُ القطيعةُ للأرحام.
ومهما أُحصِيَ من مفاسِد الطلاق فهي أكثرُ من ذلك.
ولتعلَمَ مفاسِدَ الطلاقِ وكثرةَ أضراره الخاصَّة والعامَّة، تأمَّل في حديثِ
جابرٍ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( إن إبليسَ يضعُ عرشَه على الماء، ثم يبعثُ سراياه، فأدناهم منه
منزلةً أعظمُهم فتنةً، يجِيءُ أحدُهم فيقول: فعَلتُ كذا وكذا،
فيقول: ما صنَعتَ شيئًا، ثم يجِيءُ أحدُهم فيقول: ما تركتُه حتى فرَّقتُ
بينه وبين امرأته، فيُدنِيه منه ويقول: نِعْمَ أنت، فيتلزِمُه )؛
رواه مسلم.