وإذا كان ذلك كذلك، فقد ذكرَ أهلُ العلم جُملةً مِن الوسائل والأسبابِ
التي تُعينُ على الثباتِ في مواقفِ الفتنِ والمُتغيِّرات:
وأولُ الأسبابِ وأهمُّها:
تحقيقُ التوحيد قولًا وعملًا واعتِقادًا، وتحقيقُ العبوديَّة التامَّة لله
وحدَه، ومعرفةُ الله حقَّ المعرِفة. فمَن كان بالله أعرَف كان مِنه أخوَف،
قال - عزَّ شأنُه -:
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }
[فاطر: 28].
ويتجلَّى ذلك بالإيمانِ بأقدارِ الله، وتفويضِ الأمورِ إليه، وحُسن التوكُّلِ
عليه.
(عجَبًا لأمرِ المُؤمن، وإنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ؛ إن أصابَتْه سرَّاءُ شكرَ،
فكان خيرًا له، وإن أصابَتْه ضرَّاءُ صبَرَ، فكان خيرًا له، ولا يكونُ
ذلك إلا للمُؤمن ).
فيكونُ العبدُ مُلازِمًا لمقامِ الخوفِ، مُشفِقًا مِن سلبِ التوفيقِ، وقد أُمِرَ
المُؤمنُ بالإيمان؛ وما ذلك إلا للثباتِ والاستِمرار،
فقال - عزَّ شأنُه -:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا }
[النساء: 136]،
وقال - عزَّ شأنُه -:
{ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا }
[المدثر: 31].