إن الحياءَ دليلٌ على رَجاحَة العقلِ، وهو أدبٌ في التعامُل مع الخَلق،
وطريقُ خيرٍ وصلاحٍ، وسعادةٍ وفلاحٍ في الدنيا والآخرة.
الحياء شِعارُ المُتقين، ودِثارُ الصالِحين، وجِلبابُ سِترِ الله على
عبادِه المُؤمنين، ولكن إذا أصرَّ العبدُ على الذنوبِ والمعاصِي،
ولم يسلُك طريقَ التوبة، نُزِع مِن الحياء، ومَن نُزِع حياؤُه حلَّ هلاكُه،
فتمادَى في تحصيلِ شهَوَاتِه، وظهَرَت مساوئُه، ودُفِنَت محاسِنُه،
وكان عند الله مُهانًا.
قال ابنُ القيِّم - رحمه الله -:
الحياءُ مُشتقٌّ مِن الحياة؛ فمَن لا حياءَ له فهو ميِّتٌ في الدنيا، شقِيٌّ في الآخرة،
فبَين الذنوبِ وقِلَّة الحياءِ وعدمِ الغَيرَة تلازُمٌ، فكلٌّ مِنها
يستَدعِي الآخر ويطلُبُه، ومَن استَحيَى مِن الله عند معصِيَته استَحيَى
الله مِن عقوبَتِه يوم يلقَاه، ومَن لم يستَحِ مِن الله تعالى ومِن معصِيَته
لم يستَحيِ الله مِن عقوبتِه .
أمة الإسلام:
إن مِن مظاهرِ نقصِ الحياء: انتِشار الألفاظ النابِية، والتصرُّفات المَشِينة،
وتشبُّه الرجالِ بالنساء، والنساءِ بالرِّجال، والكذبِ والتضليلِ، وعدمِ
احتِرامِ مشاعِرِ الآخرين، وخاصَّةً على وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ التي
يجِبُ أن يُراعَى فيها ما يُراعَى في غيرِها مِن التِزامِ الآداب والأخلاق،
ومُراعاةِ الأعراف.
ومِن أعظم مظاهرِ نقصِ الحياء: المُجاهرةُ بالذنوبِ والمعاصِي،
فهي سببٌ لعدمِ العافِية في الدنيا والآخرة؛ ففي الصحيحين :
أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
( كلُّ أُمَّتِي مُعافَى - أي: يوم القِيامة - إلا المُجاهِرين، وإن مِن المُجاهَرة:
أن يعملَ الرجلُ بالليلِ عملًا، ثم يُصبِح وقد ستَرَه الله عليه، فيقولُ:
يا فُلان! عمِلتُ البارِحةَ كذا وكذا، وقد باتَ يستُرُه ربُّه، ويُصبِحُ
يكشِفُ سِترَ الله عنه ).
فلا واللهِ ما في العيشِ خَيرٌ
ولا الدنيا إذا ذهَبَ الحياءُ
يعِيشُ المرءُ ما استَحيَى بخَيرٍ
ويبقَى العُودُ ما بقِيَ اللِّحاءُ