وقد نالَ الرسُلُ - عليهم السلام - المنزلةَ الرفيعةَ في معرفتِهم بالله؛
ففوَّضُوا أمورَهم إليه حُسنَ ظنٍّ منهم بربِّهم، فإبراهيمُ - عليه السلام –
تركَ هاجرَ وابنَها إسماعيلَ عند البيت، وليس بمكة يومئذٍ أحدٌ،
وليس بها ماء، ثم ولَّى إبراهيمُ مُنطلِقًا، فتَبِعَتْه هاجرُ – عليها
السلام - وقالت: ا إبراهيم! أين تذهبُ وتترُكُنا بهذا الوادِي
الذي ليس فيه إنسٌ ولا شيءٌ
فقالت له ذلك مِرارًا، وجعلَ لا يلتَفِتُ إليها، فقالت له:
(آللهُ الذي أمَرَك بهذا؟"، قال: "نعم"، قالت: "إذًا لا يُضيِّعُنا)
رواه البخاري.
فكان مِن عاقِبةِ حُسن ظنِّها بالله ما كان؛ فنبَعَ ماءٌ مُبارَك، وعُمِر البيتُ،
وبقِيَ ذِكرُها خالِدًا، وصارَ إسماعيلُ نبيًّا ومِن ذريَّته خاتمُ الأنبياء
وإمامُ المُرسَلين.
ويعقوبُ - عليه السلام - فقَدَ ابنَين له، فصبَرَ وفوَّضَ أمرَه لله وقال:
{إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}
[يوسف: 86]،