الحمدُ لله حمدَ الشَّاكِرين، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له
وليُّ الصَّابِرين، وأشهدُ أن سيِّدنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه إمامُ المُتَّقين،
صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وصحبِه أجمَعين.
أما بعد:
فأُوصِيكم ونفسِي بتقوَى الله.
إنَّ الحادِثَ الأليم الذي وقعَ قبل أيامٍ في مدينة بُرَيدَة، وأسفَرَ عن مقتَلِ
رجُلِ أمنٍ عملٌ مأزُومٌ، يُنبِئُ عن جهلٍ وطَيشٍ وتِيهٍ.
وإنَّ هذا الفِكر الداعِشيَّ التكفِيريَّ يلفِظُ أنفاسَه وفي رَمَقِه الأخير،
ونحن واثِقُون أنَّ فِكرَهم يتوارَى، وضلالَهم يتهاوَى، ومَن أرادَ تقوِيضَ أمنِنا،
وزعزعَةَ استِقرارِنا فلن يُحقِّقَ أهدافَه، ولن يرُومَ مُرادَه، وسيبُوءُ
بالخُسران المُبين بفضلِ الله، ثم بمُتابعَةِ وُلاةِ أمرِنا، ويقَظَةِ رِجالِ أمنِنا وعُلمائِنا.
ولقد استبشَرَ العالَمُ الإسلاميُّ عامَّةً والشعبُ الأفغانيُّ خاصَّةً بمُؤتمر
السِّلم الذي دعَا إليه خادِمُ الحرمَين الشريفَين، وعقَدَتْه مُنظمةُ التعاوُن
الإسلاميِّ بمكَّة المُكرَّمة، والذي حثَّ على نَبذ الاقتِتال والتفرُّق، والدعوةِ إلى
الإصلاح واجتِماع الكلِمة، والردِّ إلى أحكامِ الشريعة عند الخُصُومة والتنازُع.
وهذه رسالةُ سلامٍ مِن مهبِطِ الوحيِ، تقتَضِي أن يلتقِطَ الأفغان مُبادرَةَ السلام،
لاسيَّما العُلماء مِنهم بالعمل على إحلالِ السِّلم والاستِقرار في بلدِهم،
وانتِشالِه مِن صِراعٍ أتَى على الأخضَر واليابِسِ.
قال الله تعالى:
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ
وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا }
[النور: 55].
ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسولِ الهُدى؛ فقد أمرَكم الله بذلك في
كتابِه فقال:
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
[الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على مُحمدٍ وعلى آل مُحمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى
آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وبارِك على محمدٍ وعلى آل مُحمدٍ، كما
بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهم عن الخُلفاء الأربعة الراشِدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ،
وعن الآلِ والصَّحبِ الكرامِ، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك
يا أرحَم الراحِمين.