أولُ ما يُرفعُ من العلم أثرُه وبركتُه؛
فقد جاء في حديث عوف بن مالك الأشجَعيِّ - رضي الله عنه
أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نظرَ إلى السماء فقال:
( هذا أوانُ رفع العلم
فقال رجلٌ من الأنصار - يُقال له: لبيدُ بن زياد -:
يا رسولَ الله ! يُرفعُ العلمُ وقد أُثبِت ووعَته القلوب؟!
فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كنتُ لأحسبُك أفقهَ أهل المدينة
ثم ذكرَ ضلالَة اليهود والنصارى على ما في أيديهم من كتاب الله.
قال: فلقيتُ شدَّاد بن أوسٍ وحدَّثتُه بحديث عوف بن مالك،
فقال: صدقَ عوف،
ثم قال: ألا أخبرِكَ بأول ذلك يُرفع؟
قلتُ: بلى
قال: الخشوعُ، حتى لا ترى خاشِعًا )
وذهابُ الخشوع الذي هو أثرٌ من آثار العلم، حتى يكون في الناس من يقول:
لا إله إلا الله، ولا يفقَهُ معناها فضلاً عن العمل بمُقتضاها.
يتفاوَتُ تحقُّق أثر العلم في النفوس، ويختلفُ باختلافها؛
فعن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( مثلُ ما بعثَني الله به من الهُدى والعلم كمثَل الغيث الكثير أصابَ أرضًا،
فكان منها نقيَّةٌ قبِلَت الماء، فأنبَتَت الكلأ والعُشبَ الكثير،
وكانت منها أجادِبُ أمسكَت الماء، فنفعَ الله بها الناس فشرِبوا وسقَوا وزرعُوا،
وأصابَت منها طائفةً أخرى إنما هي قِيعانٌ لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ كلأً،
فذلك مثلُ من فقهَ في دين الله ونفعَه ما بعثَني الله به فعلِمَ وعلَّم،
ومثلُ من لم يرفَع بذلك رأسًا ولم يقبَل هُدى الله الذي أُرسِلتُ به )