ومن ابتلاء الله للناس أن يجري مع الدجال من الخوارق العظيمة
الَّتِي تبهر العقول وتحير الألباب، فَهُوَ يدعي النبوة أولًا، ثُمَّ يدعي أَنَّهُ الإله،
وقد ورد من أخباره أن معه جنةً ونارًا، وجنته نار، وناره جنة،
وأن معه أنهار الماء وجبال الخبز، ويأمر السَّمَاء أن تمطر فتمطر،
والأرض أن تنبت فتنبت، وتتبعه كنوز الأرض،
ويقطع الأرض بسرعة عظيمة كسرعة الغيث
استدبرته الريح.
ومن فتنه: أَنَّهُ يأتي عَلَى القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له،
فيأمر السَّمَاء فتمطر والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم وهي
الماشية أطول ما كانت ذرًا، ومعنى ذرًا الأعالي والأسنمة، وأسبغه
دروعًا وأمده خواصر، وهو كناية عن الامتلاء وكثرة الأكل.
ثُمَّ يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون
مملحين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقولوا لها:
أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثُمَّ يدعو رجلاً ممتلئًا
شبابًا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثُمَّ يدعوه فيقبل
ويتهلل وجهه يضحك، وجاء في وصف هذا الرجل أَنَّهُ من خيار النَّاس،
أو خير النَّاس، يخرج إِلَى الدجال من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فيقول للدجال: أشهد أنك الدجال الَّذِي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثُمَّ أحييته هل تشكون في الأمر؟
فيقولون: لا، فيقتله ثُمَّ يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرةً
مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه.