يقولُ ابنُ القيِّم - رحمه الله -: وليس على العبدِ أضَرُّ مِن مَلَله لنِعَم الله،
فإنَّه لا يراها نعمةً، ولا يشكُرُه علَيها، ولا يفرَحُ بها، بل يسخَطُها
ويشكُوها، ويعُدُّها مُصيبةً، هذا وهي مِن أعظَمِ نِعَم الله علَيه، فأكثَرُ الناسِ
أعداءُ نِعَم الله علَيهم، ولا يشعُرُون بفَتحِ الله علَيهم نِعَمه، وهم مُجتهِدُون
في دَفعِها وردِّها جَهلًا وظُلمًا، فكَم سعَت إلى أحدِهم مِن نعمةٍ ..
وهو ساعٍ في ردِّها بجُهدِه، وكَم وصَلَت إلَيه .. وهو ساعٍ في دَفعِها
وزَوالِها بظُلمِه وجَهلِه .
قال تعالى:
{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
[الأنفال: 53].
فيا أيها المُسلمون:
ما بالُ أقوامٍ يمَلُّون النِّعمةَ التي هم فيها، ويستصغِرُونها، ويتطلَّعُون إلى
مَن فُضِّلُوا علَيهم في الدنيا، وقد يُؤدِّي بهم الحالُ إلى حسَدِ غيرِهم،
حتى يقُولَ أحدُهم: لماذا كان فُلان أفضَلَ مِنِّي؟ ولِمَ أكُونُ أقَلَّ مِن غَيرِي؟
وإذا ظفِرَ بنِعمةٍ واستمتَعَ بها زمنًا، قال مُستقِلًّا لها مُزدرِيًا: ما عندنا
شيءٌ غيرُ هذا؟!
ق