قال
- صلى الله عليه وسلم -:
( الحياءُ خيرٌ كلُّه ).
بل زجَرَ - صلى الله عليه وسلم - مَن دعَا غيرَه إلى التخفُّفِ مِنه؛
إذ مرَّ على رجُلٍ وهو يُعاتِبُ أخاهُ في الحياء، يقولُ: إنَّك لتَستَحيِي،
حتى كأنَّه يقولُ: قد أضَرَّ بِك، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( دَعْهُ؛ فإنَّ الحياءَ مِن الإيمانِ ).
أي: اترُكه على هذا الخُلُق السَّنِيِّ.
وبيَّن - عليه الصلاة والسلام - كيف يُحقِّقُ العبادُ هذا الخُلُق وكيف
يكتسِبُونَه عن طريقِ التزكِية والترقِّي في مراتبِ الإيمانِ والإحسانِ، فقال:
( استَحيُوا مِن الله حقَّ الحيَاء )،
قُلنا: يا رسولَ الله! إنَّا لنَستَحيِي والحمدُ لله، قال:
( ليس ذاك، ولكنَّ الاستِحياءَ مِن الله حقَّ الحياءَ أن تحفَظَ الرأسَ وما
وعَى، وتحفَظَ البطنَ وما حوَى، وتتذكَّرَ المَوتَ والبِلَى، ومَن أرادَ الآخرةَ
ترَكَ زينةَ الدنيا، فمَن فعلَ ذلك فقد استَحيَى مِن الله حقَّ الحياء ).
ويدخُلُ في حِفظِ الرأسِ وما وعَى: حِفظُ السَّمع والبصَر واللِّسان مِن المُحرَّمات،
ويتضمَّنُ حِفظُ البَطن وما حوَى: حِفظَ القلبِ عن الإصرارِ على
ما حرَّم الله، وحِفظَ البَطن مِن إدخالِ الحرامِ إليه مِن المآكلِ والمشارِبِ.