قال - صلى الله عليه وسلم -:
( ليس الغِنَى عن كثرةِ العَرَض، ولكنَّ الغِنَى غِنَى النفسِ ).
العَرَض هو متاعُ الدنيا، وحقيقةُ الغِنَى غِنَى النَّفس، وهو مَن استغنَ
بما أُوتِي، وقنِعَ به ورضِي، ولم يحرِص على الازدِياد، ولا ألَحَّ في
الطلَب، فكأنَّه غنيٌّ.
ومما يتَّصِلُ بهذا المعنى: أنَّ الإفلاسَ الحقيقيَّ المُهلِك هو أن يلقَى العبدُ
ربَّه يوم القِيامة مُفلِسًا مِن الحسنات، ليس عنده مِنها شيءٌ.
يُبيِّنُ لنا هذه الحقيقةَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ يقولُ لأصحابِه:
( أتَدرُون مَن المُفلِسُ؟ )،
قالُوا: المُفلِسُ فينا مَن لا دِرهَمَ له ولا متاع، فقال:
( إنَّ المُفلِسَ مِن أمَّتِي مَن يأتِي يوم القِيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ،
ويأتي وقد شتَمَ هذا، وقذَفَ هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفَكَ دمَ هذا،
وضرَبَ هذا، فيُعطَى هذا مِن حسناتِه، وهذا مِن حسناتِه، فإن فنِيَت
حسناتُه قبل أن يُقضَى ما عليه أُخِذَ مِن خطاياهم فطُرِحَت عليه،
ثم طُرِحَ في النَّار ).