إذا كان احترامَ الأشهرِ الحرم أمرًا متوارثًا عند أهل الجاهلية، أفلا يكون
حريًّا بالمسلم الذي هداه الله تعالى، فرضِيَ باللهِ ربًّا وبالإسلام دينًا،
وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا ورسولًا، أفلا يكون حريًّا به
أن يُعظِّم ما عظَّمَه اللهُ ورسولُه؟ فيحجِزُ نفسَه
عن الذنوبِ والعِصيان؟ وينأَى بها عن
أسبابِ الإثمِ والعُدوان؟ وأن يترفَّع عن دوافعِ الهوى ومزالِقِ الشيطان؟
ولئِن كان ظُلمُ النفس مُحرَّمًا في كل حين، فهو في الأشهر الحرم أشد حرمة؛
لأنه جامعٌ بين الجُرأة على الله تعالى بارتكاب الذنوب والخطايا،
وامتِهان حُرمةِ ما حرَّمه الله وعظَّمه.
وإنَّ من أعظم ظلم النفس: الإشراكَ بالله تعالى، كما قال لقمانُ لابنه:
{ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
[لقمان: 13].