قال رسولُ الله –
صلى الله عليه وسلم -:
( إن الإسلامَ بدأ غريبًا، وسيعُودُ غريبًا، فطُوبَى للغُرباء )،
قالُوا: يا رسولَ الله! وما الغُرباء؟ قال:
( الذين يصلحُون عند فسادِ الناس )؛
رواه الطبراني.
وعند الآجُريِّ مِن حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -،
قِيل: ومَن الغُرباء يا رسولَ الله! قال:
( أناسٌ صالِحُون قليلٌ في ناسِ سُوءٍ كثير، مَن يَعصِيهم أكثرُ ممَّن يُطِيعُهم ).
وقد تحقَّقَ ما أخبرَ عنه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تحقُّقًا بيِّنًا
لا خفاءَ فيه؛ فقد بدأَ الإسلامُ غريبًا، ثم ظهرَ وعلا، وعزَّ أهلُه،
ودخلَ الناسُ في دينِ الله أفواجًا، ثم عادَت غُربتُه مرةً أخرى
واشتدَّت، وتجلَّت مظاهرُها بوُضوحٍ.
وهذه الغُربة - عباد الله - ازدادَت شيئًا فشيئًا؛ بسبب دخول فتنة
الشُّبهات والشَّهوات على الناس، حتى استَحكَمَت مكيدةُ الشيطان،
وأطاعَه أكثرُ الخلق، فعظُمَت الفتنُ والابتِلاءات، وتغيَّرَت الأحوالُ،
والتبَسَت الأمورُ، ولكن مع هذا فطريقُ الخلاصِ وسبيلُ النجاةِ
مِن الفتن معلُوم.
قال - صلى الله عليه وسلم -:
( بادِرُوا بالأعمال فِتنًا كقِطع الليل المُظلِم، يُصبِحُ الرجلُ مُؤمنًا ويُمسِي
كافرًا، أو يُمسِي مُؤمنًا ويُصبِحُ كافرًا، يبيعُ دينَه بعَرَضٍ مِن الدنيا )؛
رواه مسلم.