تقبَّل الله طاعتَكم، وغفرَ ذنوبَكم، وضاعَفَ لكم الأجرَ.
ثم استقيمُوا إلى الله وتقرَّبُوا مِنه؛ فإنَّ الاستِقامةَ على الطاعةِ مِن علاماتِ
قَبُول العمل، وما تقرَّبَ عبدٌ إلى الله بشيءٍ أحَبَّ إليه مما افتَرَضَه عليه،
ولا يزالُ العبدُ يتقرَّبُ إلى الله بالنَّوافِلِ حتى يُحبَّه؛ فمَن تقرَّبَ إليه بشِبرٍ
تقرَّبَ إليه ذِراعًا، ومَن تقرَّبَ إليه ذِراعًا تقرَّبَ إليه باعًا، ومَن أتاه يمشِي
أتاه هروَلَة.
فحافِظُوا على الفرائِضِ، ولا تَهجُرُوا القرآن، واحرِصُوا على قِيامِ اللَّيل.
فعن سُفيان بن عبد الله الثَّقفيِّ - رضي الله عنه - قال: قُلتُ: يا رسولَ الله!
قُل لي في الإسلام قَولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدَك؟ قال:
( قُل: آمَنتُ بالله، ثم استَقِم ).
ألا وإنَّ مِن هَديِ نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -:
صِيامَ سِتَّةٍ مِن شوال؛ فعن أبي أيوب الأنصاريِّ - رضي الله عنه -،
أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( مَن صامَ رمضانَ ثم أتبَعَهُ سِتًّا مِن شوال، كان كصِيامِ الدَّهرِ ).
ومعنى ذلك: أنَّ الحسنةَ لما كانت بعشر أمثالِها؛ كان صِيامُ شهر
رمضان بعشرةِ أشهُر، وصِيامُ ستةٍ بشهرَين، فذلك صِيامُ سنَة.
معاشِر المُسلمين:
الزمنُ كالمالِ .. كلاهُما يجِبُ الحِرصُ عليه، والاقتِصادُ في إنفاقِه وتدبيرِ أمرِه،
وإذا كان المالُ يُمكنُ جَمعُه وادِّخارُه، بل وتنميتُه، فإنَّ الزمنَ عكسُ ذلك؛
فكلُّ دقيقةٍ ولحظةٍ ذهبَت لن تعُودَ إليك أبدًا ولو أنفَقتَ ما في الأرض جميعًا.
وإذا كان الزَّمنُ مُقدَّرًا بأجَلٍ مُعيَّنٍ، وعُمرٍ مُحدِّدٍ لا يُمكن أن يُقدَّم أو يُؤخَّر،
وكانت قِيمتُه في حُسن إنفاقِه؛ وجَبَ على كل إنسانٍ أن يُحافِظَ عليه،
ويستعمِلَه أحسنَ استِعمال، ولا يُفرِّطَ في شيءٍ مِنه قلَّ أو كثُر.
ولكي يُحافِظَ الإنسانُ على وقتِه يجِبُ أن يعرِفَ أين يصرِفُه؟
وكيف يصرِفُه؟ ألا وإنَّ أعظمَ المصارِفِ وأجَلَّها:
طاعةُ الله - عزَّ وجل -؛ فكلُّ زمنٍ أنفَقتَه في تلك الطاعة لن تندَمَ
عليه أبدًا.